يؤسفنا ما وصلنا إليه اليوم من تخلف فكري وعُقم تربوي وتبخر إيماني ساقنا عُنوة لسوء المنظر والمُنتظر
غرائزنا الأقرب للبهيمية هي التي تغلب على أفراحنا وهي التي تسوقنا سوقا بعد أن تركنا النوى وحلَّقنا بالهوا وأضعنا كل ما فيه أثر الأجداد وطعم ونكهة العادات الأصيلة واستبدلناها بكل ما هو صنيع وصفيق بحثاً عن السمعة والمُتعة الآنية والرِياء …
تركنا البساطة والعفوية ورفضنا لبناتنا عريس البَركة وأَعبنا فيه فقره وشكله وعائلته وهو الذي يحفظ كرامة ابنتنا ويصونها من نوائب الدهر وتاجرنا بعريس اللّقطة الذي يتقن البروزة والرقص والحركات البهلوانية ولا يقبل إلّا بصبّ جام صلاجته على اللوج وأمام المعازيم ويُحرج أشقاء وأولياء أمر العروس فلا يروق له إلّا القُبل العبثية المرافقة للشهوة والفجع والبعيدة عن الغيرة إلّا على الشفّة …
* جاهاتنا استعراضية – يغيب عنها ذِكر الله ونهج رسول الله صلى الله عليه وسلم – يتقدمها أصحاب العُبي المشلخة طالبي السمعة والشهرة والرياء والذين ما أن يغادرون حتى يتسابقون بنشر مشاركاتهم على وسائل التواصل وهي مشاركات مكررة ومملّة لا تُسمن ولاتغني من جوع …*
إن طريقة أعراسنا باتت بالغالب استعراضية تبدأ بعرض عظلات من يقوم بالطلب باسم العريس وهو شخص طليق اللسان وهو بالغالب من الأغراب وقد يكون صاحب مال متعربشاُ على الوجاهة وقد يكون متمشيخاً بالدين سليط اللسان يمدّ بالكلام يملأ المكان بالصراخ وكثير من هؤلاء يأمرون الناس بالبر لكن للأسف ينسون أنفسهم وكذلك هناك من يُعطي نيابة عن أهل العروس وهو من نفس الماركة وتجد للأسف أقرب الناس للعريس والعروس ك الأصنام المُسنَّدة لا دور ولا فعل لهم بعد أن أسندوا المهمة لغيرهم طلباً للرياء والسمعة ومرضاة الغير وهناك تكون البروتكولات والعِبرة لحجم الجاهة وعدد المعازيم وكلما كبرت الجاهة كان العُرس مطنطناً وكلما كانت الصالة أكثر فخامة زاد في القبول ولا ننس التلبيسة والأثاث والبيت والولائم العامرة وعدد المناسف والتصوير الذي يوثّق كل صغيرة وكبيرة والشروط القاسية التي لا قِبلَ لأي عريس بها وقد يبدأ العُرس بالدَين وما أن يدخل العش الزوجي حتى يبدأ الدَيّانة بالمطالبة …
*ومن المظاهر الهجينة المعيبة في مجتمعنا ومع كثرة الذخائر والسلاح بيد “القاذورات” أن يبادر أشقاء العروس باطلاق النار بشكل جنوني وفاجر لحظة نقل شقيقتهم من بيت أهلها وهذا عيب عند العرب وفعل صاحبه ناقص والأسوأ من ذلك حين يُمسك بندقيته بيد واحده ويطلق النار رشاً وقد شاركتُ في عرس في صالة بالأردن من سنوات وشاهدت أحد الحضور وهو يتفاعل وبشكل يفوق الوصف فمرّة يقود الدبكة ومرة يتمايل ويهز وسطه ويراقص العريس ويبارزه وضحكته لاتغادر قسمات وجهه وظَنَنته والد العريس أو شقيقه الأكبر وبعد السؤال تبين لي بأنه والد العروس فأي دياثة تلك التي تُفقد الرجل توازنه وعقله وهيبته وقد نسي هذا الوضيع بأن أمام ابنته ليلة دامية ولو شارك هذا الصفيق دون مجون لحصَّن ابنته وجعلها تَكبُر في عين صاحبها !!!؟؟؟
وليت مثل هذه الزيجات تطول وتُعمِّر بل هي فقاعات سرعان ما تنتهي بالمحاكم وهناك يبدأ نشر الغسيل الوسخ …