منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي خرج إلى العلن أول منتجات الثورة الإيرانية و أحد أهمّ الأذرع التي سيعتمد عليها الملالي في إنشاء وتثببت سياساتهم التوسعية في المنطقة .
وكان لبنان مكاناً مثالياً لبناء ذلك الذراع ، و قد كان وجود حافظ الأسد ضرورياً جداً لإنجاز المهمة ، فقواته تُسيطر على لبنان وبالتالي هو سيؤمن البيئة المناسبة لولادة الحزب و رعايته وحمايته إلى أنةيشتدّ عوده ، وبالمقابل تُعتبر مساهمة الأسد الأب في هذا العمل هو الركيزة الأساسية والأولى في بناء تحالف الأقليات في المنطقة ، وظهر ذلك واضحاً في وقوف حافظ الأسد الكامل مع إيران في حرب السنوات الثمانية ضد العراق والذي كان نتيجة طبيعية لنواة تحالف إستراتيجي بين نظامين يقومان على أساس طائفي في مواجهة الأغلبية في المنطقة ، ولم يخجل ملالي طهران من إطلاق وصف البعث الكافر في العراق فيما كان بعث حافظ الأسد مُؤمناً و ورعاً وزاهداً..
أيضاً وجود حاضنة شيعية شرط لازم لبناء حزب مذهبي ( وأيّ حزب ديني في بلد متعدد سيصبح بالضرورة حزباً طائفياً ) إضافةً إلى أنّ الحاضنة الشيعية في لبنان أفضل من غيرها في اماكن انتشار الحواضن الشيعية في المنطقة من ناحية التَمديُن والتعليم والإنفتاح على العالم ، وبالتالي هذا سَهّل أن يكون حزب الله حزباً نوعياً شيعياً سيكون في المستقبل قائداً لكل الأذرع التي سيتم إنشاؤها ، كما أنّ وجود احتلال إسرائيلي لجزء من الأراضي اللبنانية مع وجود تماس جغرافي مع الدولة العبرية سيسمح هذا بالتعمية على الأهداف الحقيقية لإنشاء الحزب تحت دعاوى تحرير الأرض اللبنانية بل وتحرير فلسطين أيضاً وهي الشعارات العاطفية والتي تُقرّبه إلى القلوب وتَغفر له كثير من ممارساته الطائفية ..
وكان بناء نموذج الحزب العربي المقاوم والذي لايقبل بأقلّ من تحرير فلسطين من البحر للنه مع دعاية اعلامية قوية لبطولات مُتخيّلة في جنوب لبنان ضِدَ العدو الإسرائيلي مع كارزمية أمبنه العام حسن نصر الله وخطاباته العاطفية ، كل ذلك كان السهم الإيراني الذي سيخترق جسد الأمة كلها ويُخفي حفيقة نظام الملالي إلى حين …
بدأت حقيقة الحزب تَتَكشّف بالتدريج حيث باتت واضحة ( لمن يريد أن يرى ) أدواره التي تَمّ إنشاؤه من أجلها وهي تنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة ، فقام الحزب باغتيال أحد أهمّ رجالات المنطقة المعادين للمشروع الإيراني عام 2005 حيث قُتِلَ الرئيس رفيق الحريري بالتعاون من نظام الأسد .
إزدادت قوة ونفوذ الحزب في لبنان بعد إنسحاب جيش الأسد منه فأصبح سيد الموقف فيه والوكيل الحصري لطهران في لبنان.
أتبع الحزب مخطط سيطرته على الدولة اللبنانية باغتيال العديد من الشخصيات المعارضة له ومن مختلف الطوائف ولم يكتفِ بذلك بل قام بإنقلابه الشهير على كل الخصوم المحليين باحتلاله لببروت والجبل في عام 2008 ليتوّج عهداً جديداً بسيطرته الكاملة على الدولة وقرارها السياسي والتحضير للعب أدواراً تطلبها منه قيادة الحرس الثوري في طهران ، طبعاً كان إشعال حرب 2006 مع اسرائيل هو بعض مما طلبه الحرس الثوري منه حينها….
الإمتحان الذي أسقط ورقة التوت التي تَستُر بعض من عورات الحزب كانت مرحلة الربيع العربي في بدايات عام 2011 فيما اعتبر المرشد والحزب كل الثورات العربية صحوات إسلامية شعببة مشروعة ، أخذ المرشد قراره باعتبار الثورة السورية على نظام الأسد حربا إرهابية دولية لإسقاط نظام مقاوم من منظومته ولم يكتفِ بالأقوال ففط ، بل وضع كل إمكانات الحرس الثوري في محاربة الثورة ومنع سقوط الأسد ، وكانت الأداة الفعالة والجاهزة لتنفيذ الأجندة الإيرانية باكراً هو إيعاز قاسم سليماني لميليشيا الحزب بالدخول عسكرياً إلى سوريا تحت دعاوى مذهبية أيضاً لحماية المراقد الدينية وغيرها من الشعارات الطائفية .
إنكشف للقاصي والداني حقيقة دور الحزب في المنطقة حيث لم يهتمّ بإخفاء أدواره في لبنان والعراق واختراق الساحة الفلسطينية ، بل ولعب أدواراً مالية وأمنية على مستوى القارات الخمس حول العالم بحيث كان له الدور الأول في تجارة المخدرات وغسيل الاموال والتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على نظام الملالي حيث كان عبر شبكاته الذراع الذي يعتمد علية الحرس الثوري في كل تلك العمليات القذرة. وبذلك لعب ادوارا على المستوى الامني والمالي إضافةً لدوره العسكري…..
قاد الحزب لبنان من دولة مُزدهرة إقتصادياً وثقافياً بل أكثر بلدان المنطقة في توفر مناخات الحرية وإستقبال المضطهدين في دولهم وتأمين مناخ من الأمان والحرية لهم ، إلى بلدٍ فقير منكوب جائع يحلم أبناؤه بفيزا لدولة خليجية أو أورببة ،
كانت دعاية الحزب تَنفُخ في كل الفضاءات عن قوة الحزب العسكرية والأمنية والتنظيمية وإمتلاكه لأفضل التقنيات العلمية والتكنلوجية بحيث أصبح هو من يُدرّب بقية الأذرع في الممطقة على التقنيات الحديثة التي يُطوّرها وأصبح يَنسُج حوله بروبوغاندا زائفة عن قدرات هائلة تَمكّن من جمعها وتطويرها في صناعة المسيرات والصواريخ الدقيقة وإمتلاك معارف وخبرات الأمن العادي والسيبراني وتدريب القطيع متعدد الجنسيات عليها….
دخل المحور الإيراني في مغامرة مضمونة النتائج حسب حساباتهم بعملية السابع من أوكتوبر وتَتَبين نتائجها الآن أنها كانت مقامرة بكل مايملكون من رصيد ، ومن المتوقع أن يخسروا ما بنوه في نصف قرن .
كان حساب البيدر لايُطابق غلّة الحقل ، وإشتبك المحور بكامله مع إسرائيل وحلفائها وتم قطع شعرة معاوية بين إيران والغرب ، وبدأت في الميدان تَتكشّف الحقائق وبات الجمهور مُقتنعاً أنه لولا التخادم الإيراني – الغربي لما توسع المحور ليصبح هلالاً شيعياً ولما فازوا في الشوط الأول من المباراة إنقلب كل شيئ وكانت تلك لحظة تَحول تاريخي ستلقي بظلالها على المنطقة لعقود قادمة .
ظهر البون الشاسع بين ماتدعيه إيران ومحورها من إمتلاك أسباب القوة وعناصرها وبين ما تملكه حقيقةً على الارض ، وقامت الدولة العبرية بإستفزازها والتحرش بها لجرها إلى حرب كانت أجبن من أن تُقدِم عليها ، وتناست تصريحات كبار جنرالاتها حول قدرة إيران على إزالة إسرائيل من الوجود خلال سبعة دقائق ونصف ، وشاهد العالم العجز الإيراني فجر الرابع عشر من نيسان عندما حاول الحرس الثوري ضرب إسرائيل بالأصالة وظهر جلياً مدى تَخلفه التكنلوجي في مجال يدعي التفوق فيه.
و على وقع الحرب بدات تتكشّف القدرات العسكرية المتواضعة للمحور كله ، وبعد الاختراقات الأمنية الهائلة التي نفذها الموساد بإستهداف شخصيات كبيرة من المحور في مختلف الساحات التي تُسيطر عليها إيران بما فبها طهران نفسها ، ولم يتمكن المحور من الردّ عليها ، وبدأت التراجعات الإيرانية تظهر على لسان رأس الهرم ( وليس فقط في الميدان ) فطلب المرشد من حكومته الجديدة التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الملف التووي ، وأقرّ المرشد نفسه بمشروعية التراجع التكتيكي أمام العدو ، وأفصح في ذكرى الأربعينية عن أهداف إمبراطوريته الحقيقية بالصراع الأبدي بين جبهته الحسينية والأمة السنية التي أسماها بالجبهة اليزيدية..مُوصلاً رسالة بعد فوات الأوان للغرب أنتم لستم أعداؤنا..
وأخيراً وليس آخراً وقعت الواقعة الكبرى بمموقعة البيجر..فبعد ما يقارب السنة من دخول الحزب حرب الإسناد لغزة واغتيال معظم قياداته وكوادره الخبيرة وإنكشاف عوراته الأمنية وزيف دعايات قوته العسكرية ، بدى عاجزاً عن الإحتراز أو التعافي من الضربة الكبرى التي وجهها له الموساد الإسرائيلي ، فبات الحزب من دون منظومة تَحكّم وسيطرة وتم تعطيل كل إتصالات الحزب ولم يعد مأموناً إستخدام أي جهاز إلكتروني ، و مع إخراج النخب المتبقية عنده من المعركة بفعل الموت أو الإصابة ، وقد يواجه ضربات أخرى غير متوقعة لأنّ البون شاسع جداً ببن الخصمين المتحاربين من النواحي التكنلوجية والإستخبارية وبكل ما يتعلق بمعارف العصر ، وبضربة او ضربات جديدة غير كلاسيكية قد يتداعى الحزب كما تداعت قوى عظمى قبله كالإتحاد السوفييتي ويتحلُل من الداخل .
حزب الله يَحتضر وقد لايطول زمن إعلان الوفاة الحقيقبة له كلاعب رئيسي في المنطقة وقد يبقى حزباً مذهببا سياسياً بنهاية العاصفة التي تَهبّ على المنطقة.
مقالة هامة دكتور باسل سلمت يداك وبورك فكرك الثوري الرائع المتنور ، بالفعل سقطت الأسطورة والخرافة، وتبين أن ايران جسم هلامي خرافي
بوركتم دكتور باسل على هذه الإحاطة والتوصيف .
المشروع الفارسي المستند على أذرع إيران ، والتي منها جزب الله ،هو مشروع إرهابي لايشكل خطرا على المنطقة العربية فحسب، وإنما على الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والعالمي .
لاتزال سوق المساومات تحوي بضائع منوعة..ولذلك من الصعب الجزم اي بضاعة ستسقط اولا..
هل تكفي الضربات الإسرائيلية الموجعة. للجزم بتخلي من أطلق يده في المنطقة من التخلي عنه؟
لا زلت أذكر سؤال صحفي أوربي للمجرم حافظ الوحش أسد : كيف تقفون إلى جانب إيران ضد شقيق عربي لكم وهو في الوقت نفسه جزء من منظومتكم الحزبية ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) .. أجاب المجرم حافظ :
سيأتي يوم وتدافع إيران عن بلادنا ( يقصد حكم عصابته وحكمه المتوحش ) ..
شكرا” لمقالتك الجيدة دكتور باسل
التمدد الشيعي بالمنطقة ماكان ليتمدد ويتجذر بالمنطقة لولا وجود هذا النظام المجرم بالحكم .